دراسات وتوصيات

استنادًا الى بلاغات مرصد السكن  خلال تموز-آب 2021

في خلال شهرَي تمّوز وآب، تابع مرصدُ السّكن 40 حالةٍ من حالات الهشاشة في السّكن، يعانيها ما مجموعه 206 أفراد. يهدف هذا التقرير إلى تلخيص بعض الاستراتيجيات القانونية التي اعتمدها فريقُ العمل القانوني في مرصد السّكن لمساعدة المُتّصلين على تجاوز الصعوبات السّكنية.

منذ صدوره، افتقد قانون "حماية المناطق المتضرّرة بنتيجة الانفجار في مرفأ بيروت ودعم إعادة إعمارها" (قانون ١٩٤/٢٠٢٠) إلى أي سياسة أو رؤية شاملة لإعادة الإعمار تضمن إعادة تنشيط الحياة الاجتماعيّة والاقتصاديّة في تلك المناطق وتأخذ في الاعتبار ضرورة توفير الحماية الفعليّة للسكان المنكوبين بما يسرّع عودتهم إلى منازلهم.

مر لبنان منذ بداية العام 2020 بسلسلة من الإنهيارات، أولهم إنهياراً إقتصادياً مع إفلاس المصارف وحجز ودائع الناس، وثانيهم إنهياراً إجتماعياً مع إفقار الناس نتيجة تدهور سعر الصرف والتضخم الذي واكبه، وثالثاً إنهياراً صحياً مع جائحة كورونا، أخيراً وليس آخراً إنفجار بيروت الذي قضى على أحياء برمتها وأظهر اهمال المسؤولين وعدم مبالاتهم بحياة مئات العائلات ومقتنياتهم وأحيائهم.

تبرز مجموعةٌ متنوّعةٌ واسعةٌ من الصكوك الدولية التي تعالج مختلف أبعاد الحق في السّكن الملائم، الأمر الذي حدا بحكومات الدول إلى الاعتراف به كحقٍ من حقوق الإنسان الأساسيّة والسعي إلى تكريسه وصونه. تصدّر لبنان قائمة الدول التي كرّست هذا الحق وواكبت تطوّره في القانون الدولي.

يشكّل الإيجار وسيلة أساسية للوصول إلى السكن في المدن اللبنانية التي تضمّ مختلف الفئات الاجتماعية، حيث تصل نسبة المستأجرين في بيروت إلى 49.5% من مجمل سكانها وفقًا لمسح أجراه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العام 2008. بيد أنّ الأرقام المتوفرة تقتصر على الإيجارات المبرمة بموجب عقود قانونية مسجّلة، من دون احتساب الترتيبات العرفية التي لا يصار إلى تسجيلها في البلديات أو تبرم من دون عقود مكتوبة.

بعد ساعات من إنفجار المرفأ الذي نكب مدينة بيروت، أطّل محافظ بيروت القاضي مروان عبّود على شاشات التلفاز، والدّمع في عينيه، ليصرّح أنّ حوالي 300 ألف شخص باتوا مشردين في العاصمة اللبنانية. على وطئ هذا الخبر تهافت الأفراد والمنظمات والجمعيات لفتح بيوتهم ومقرّاتهم لاستقبال المتضررين. أمّا الجهات المعنية، فلم تبدي أي عجلة للتحرك. نلقي في هذا المقال الضوء على أبرز القرارات التي صدرت عن الجهات الرسمية خلال الأسابيع الأولى بعد الإنفجار، والتعليق على مدى فعاليّتها في مؤازرة أزمة السكن المستجدّة.

منذ التسعينات، تجاهلت الدولة الحاجة الماسة إلى سياسةٍ سكنيةٍ تعالج أزمة السكن متعددة الأشكال والحاجات، واختارت بدلًا منها توجهًا أحاديًا هو الإقراض السكني للتملّك. ذلك الخيار روّج للتملّك كوسيلةٍ وحيدةٍ لتأمين السكن الآمن والمستدام، بالرغم من الأعباء المالية التي تلازم المقترِضين لعقودٍ طويلة. لم يرافق هذا التوجّه أي حوافز أخرى للسكن، بل على العكس، جرى تقويض الوصول إلى السكن بالإيجار أو عبر برامج تؤمّن حيازةً مستدامةً للأرض والمسكن، ما دفع بآلاف العائلات التي تتمتّع بالشروط المطلوبة إلى اللجوء للاقتراض من المصارف بغية التملّك.

الكاتبة: المحامية زينة جابر

صدر قانون تعليق اقساط الديون والاستحقاقات المالية لدى المصارف وكونتوارات التسليف رقم ١٧٧/ ٢٠٢٠ بتاريخ ١٣/٥/٢٠٢٠ واصبح ساري المفعول من تاريخ ٢١/٥/٢٠٢٠ بعد نشره بالجريدة الرسمية.
نص القانون صراحة على تعليق اقساط الديون المتأثرة من آثار انتشار فيروس كورونا لدى المصارف أو كونتوارات التسليف وتجميد جميع استحقاقات القروض والفوائد المستحقة عليها من 2020/4/1 لمدة ستة أشهر اي لغاية شهر ١٠/٢٠٢٠. 

أزمة السكن في لبنان ليست مستجدّة، ولم تنتجها إجراءات مكافحة جائحة كورونا، فلطالما تجلّت تلك الأزمة في الأسعار التصاعدية الخارقة للعقارات والشقق، وفي الارتفاع المستمر لبدلات الإيجار. لكن انتشار الجائحة وضع السكن في صلب النقاش بشأن الصحة العامة وقوام القطاع الصحي وأمن المجتمع. تصدّر شعار "خلّيك بالبيت" مرحلة التعبئة العامّة التي دخلها لبنان منذ آذار الماضي في مواجهة جائحة كورونا، وهكذا تكلّمنا للمرة الأولى عن المسكن كمسألة مجتمعيةٍ تتعدّى منفعتُها الحاجة الفردية لمستخدميها.

أتى هذا القانون ليعلق، سريان جميع المهل القانونية والقضائية والعقدية الممنوحة بهدف ممارسة الحقوق على أنواعها سواء اكانت مهل شكلية، إجرائية او يمتد أثرها الى أساس الحق. وشمل القانون المعجل المواد الإدارية والمدنية والتجارية وذلك من تاريخ ١٨ تشرين اول ٢٠١٩ حتى٣٠ تموز ٢٠٢٠ ضمنا. ومن جملة الاستثناءات التي أتى عليها هذا النص، استثنى صراحة كافة المهل الواردة في قانون الإيجارات تاريخ ٩/ ٥/ ٢٠١٤ والمعدل بموجب القانون رقم ٢/٢٠١٧ (الإيجارات القديمة).

الصفحات