الكاتب: المحامية زينة جابر
أقر قانون تعليق المهل ونشر اليوم في الجريدة الرسمية وأصبح ساري المفعول.
أتى هذا القانون ليعلق، سريان جميع المهل القانونية والقضائية والعقدية الممنوحة بهدف ممارسة الحقوق على أنواعها سواء اكانت مهل شكلية، إجرائية او يمتد أثرها الى أساس الحق. وشمل القانون المعجل المواد الإدارية والمدنية والتجارية وذلك من تاريخ ١٨ تشرين اول ٢٠١٩ حتى٣٠ تموز ٢٠٢٠ ضمنا. ومن جملة الاستثناءات التي أتى عليها هذا النص، استثنى صراحة كافة المهل الواردة في قانون الإيجارات تاريخ ٩/ ٥/ ٢٠١٤ والمعدل بموجب القانون رقم ٢/٢٠١٧ (الإيجارات القديمة).
أتى نص القانون واسعا مبهما بالذات حول تعليق المهل بما يتعلق ببدلات الإيجار المستحقة والتي ستستحق حتى تاريخ ٣٠/ ٦/ ٢٠٢٠. فبالعودة الى ما جاء بحرفية النص، نرى انه علق كافة المهل العقدية واستثنى صراحة كافة المهل في قانون الإيجارات تاريخ ٩/ ٥/ ٢٠١٤، دون التطرق الي أوضاع المستأجرين الآ خرين. لا يسعنا تفسير النص الا بما يتناسب والأسباب الموجبة والظروف المحيطة بصدور هذا القانون، لاسيما التضخم الاقتصادي الذي نعيشه نتيجة تدهور قيمة الليرة، والتعبئة العامة نتيجة الوضع الصحي القائم. وبالتالي يطال هذا التعليق مهل ايفاء بدلات الايجار لاسيما الإيجارات المحررة المعقودة وفق قانون الموجبات والعقود.
هذا ويطرح النص إشكاليات قانونية متعددة، خاصة فيما يتعلق باستحقاق بدلات الايجار وتداعيات استثناء الإيجارات القديمة. فلم يحدد هذا القانون كيفية استحقاق البدلات، فهل ستستحق دفعة واحدة؟ في حال الايجاب، كيف سيتمكن ذوي الدخل المحدود من تسديد هذه البدلات إذا ما استحقت دفعة واحدة بعد تاريخ انتهاء هذا التعليق؟ خاصة أن تدهور قيمة العملة، التضخم الاقتصادي بالإضافة الى التعبئة العامة حالوا دون إمكانية ممارسة العمل بشكل طبيعي - لا سيما للمياومين وأصحاب الدخل المتدني.
كما يشكل هذا القانون تمييزا جليا بين المستأجرين، عبر استثناء المستأجرين القدامى ذوي عقود الايجار الممددة من أحكام هذا القانون. فاستثناء عقود الإيجارات الممددة من تعليق المهل، خاصة في ظل التعبئة العامة والازمة الصحية التي شهدتها البلاد، حيث حال اقفال مؤسسات الدولة بالأخص دوائر كتاب العدل، دون إمكانية لجوء المستأجرين القدامى لإتمام معاملات الإيداع والعرض الفعلي بهدف ابراء ذمتهم اتجاه المالكين. فكان من الاجدى أن يشير القانون صراحة الى أن عدم تسديد بدلات الإيجار في تاريخها، خلال الفترة الممتدة بين تاريخ 17 تشرين الأول 2019 وحتى تاريخ ٣٠ تموز ٢٠٢٠، لا يشكل سبباً لفسخ عقود الايجار وبالتالي لا يشكل سبباً لإسقاط حقهم في التمديد القانوني بالنسبة للإيجارات الخاضعة لقانون الايجارات رقم 160/92.
كان من الأجدى من السلطة التشريعية دراسة حيثيات القانون للإحاطة بجوانبه كافة بدلا من اللجوء الى أرشيف القوانين واستنساخها وإعادة العمل بها دون التمحيص بتداعياته القانونية- الاجتماعية. في نهاية الأمر، سيحمل هذا القانون القضاء عبء التصدي لتداعيات تفسير هذا النص، وسيُترك للمحاكم حكمة البت في أحقية تعليق المهل لاسيما في ظل تقصير السلطتين التشريعية والتنفيذية عن القيام بواجباتهم حيال الأزمات المتتالية التي تشهدها البلاد.