مخيّم بر الياس: حكاية تهديد جماعي

مناصرة حق السكن

يعيش سكان مخيمٍ للاجئين السوريين في منطقة بر الياس في قلق دائم من خطر الإخلاء، نتيجة محاولات مالك الأرض المستمرّة لطردهم منها. ففي عام 2020، أراد مالك الأرض التي يستأجرها السكان فكّ الخيم وطردهم من أرضه، لولا تدخل شريكه الذي أقنعه بالتراجع عن قراره. وفي عام 2021، قام بإعطائهم مهلةً حتى آخر السنة للإخلاء، وهدّد باستقدام جرافة لإزالة الخيم إن لم يغادروا بحلول ذلك الوقت.

يتألّف المخيم الصغير من 19 خيمة (مصنوعة من خشب وشوادر) تأوي 21 عائلة مجموعهم 105 مقيم\ة، جميعهم من الجالية السورية، حائزون على صفة لاجئ ومسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. تدفع كل خيمة إيجاراً شهرياً بقيمة 850 ألف ليرة لبنانية.

يعاني سكّان المخيم من ظروف سيئة، خاصة على صعيد الخدمات الأساسية من كهرباء، ومياه، وتمديدات صحية وغيرها، ويفيض المخيم في الشتاء مما يستوجب جلب مضخّة لتفريغ المياه. وتقوم منظمتان غير حكوميتين بمتابعة أحوال السكان وتقديم المساعدات الغذائية والصحية بشكل دوري.

للعقار مالكَين يديران المخيم بشكل مباشر، ويفضّل السكّان التعامل مع المالك الثاني، كون التفاهم معه أسهل.

يبدو أن السبب الرئيسي للتهديد بالإخلاء هو تراكم إيجارات غير مدفوعة ل14 عائلة، تتراوح بين سنة وثلاث سنوات وتتراوح قيمة كلّ منها بين 675 ألف ومليون و400 ألف ليرة لبنانية.

في الأصل، كان المالك يطلب إخلاء العقار في تشرين الأوّل. إنما قام أحد أقربائه بمفاوضته بناءً على طلب سكان المخيّم، وتمكّن من إقناعه بإمهالهم حتى نهاية العام. إلا أنّ جميع محاولات التفاوض للسماح لهم بالبقاء مقابل عرض زيادة في الإيجار، قوبلت بالرفض.

وبعد أن أعرب شريك المالك عن عدم قدرته على التفاهم مع الأخير على موضوع الإخلاء، حاول السكان إشراك المنظمتين اللتين تعنيان بحاجاتهم للضغط على المالك، لكن الأخيرتين رفضتا بحجة أن الموضوع يتجاوز نطاق اختصاصهما.

علم المرصد بالحالة عندما تلقّى في كانون الأول 2021 اتصالين من سكان المخيم، تبلّغ فيهما عن تهديد مالك العقار لهم.

أخبَرَنا المستأجرون بأنهم سيحاولون التفاوض مرة أخرى مع المالك، وبالفعل، بعدما توسّط عدد من أقارب المالك لسكان المخيّم، وافق المالك على تمديد مهلة الإخلاء حتى نهاية آخر شهر كانون الثاني، ثم أرسل رسالة صوتية للسكان تنذرهم بهدم الخيم عند انقضاء المهلة.

في تلك المرحلة، طلب المرصد من وسيط محلي التدخل لفهم دوافع المالك للإخلاء، ومحاولة التوصّل معه إلى حلٍّ وسط. وعند اتصال الوسيط به، اتضح أنه لا يريد الإخلاء فعلاً، إنما يأمل من خلال تهديداته الضغط على المنظمات غير الحكومية لرعاية المخيم، كون مصاريف صيانته والعناية به باتت تفوق قدراته.

تواصل المرصد مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي ذكرت أنها تتابع قضية المخيم عن كثب بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الداخلية والخارجية والجهات الفاعلة القانونية.

وعند التواصل مع رئيس البلدية، أوضح بأنّ البلدية لا تتدخّل في حالات الإخلاء، ويقتصر دورها على القليل من الوساطة لإيجاد الحلول، ولا سلطة لها على العلاقة بين المالك أو صاحب الأرض واللاجئين.

وأضاف أن البلدية تؤمّن بعض الخدمات في المخيمات، كجمع النفايات، وتأمين شبكة صرف صحي وشبكة مياه وكهرباء، وتقديم المساعدات في حالات الطوارئ وغيرها، وتقوم باستيفاء مبلغ 50 ألف ل.ل. سنوياً عن كل خيمة من المالك أو المؤجّر.

يبلغ عدد المخيمات المسجلة لدى البلدية في بر الياس حوالي 85 مخيم، عدا عن المخيمات غير المسجلة والأفراد أو العائلات التي تسكن في وحدات سكنية ضمن البلدة. ويبلغ عدد الأفراد من الجالية السورية المسجلين في البلدة حوالي 70 ألف نسمة (بحسب رئيس البلدية) وجميعهم معرضون للإخلاء لأسباب عديدة، أبرزها تراكم الإيجارات المكسورة نتيجة الارتفاع الجنوني لأسعار الإيجار (وللأسعار عامةً)، وعدم قدرة هذه العائلات على دفع بدلاتها بانتظام.

يضاف إلى ذلك عدم تأمين البلدية للحماية ضد الإخلاءات، خصوصاً في سياق مخيمات سمحت هي بإنشائها عبر تسجيل المخيّم من قبل مالك الأرض في البلدية للحصول على الترخيص اللازم.